أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

آخر الأخبار

هل تُغتصب النساء في الكونغو رغبةً؟ أم سلاحاً ؟

 


رحم الله كل من ضحى بوطنه لأجل مالٍ أو منصبٍ زائل، ولا سامح من باع عرضه وأرضه لقاء حفنة دولارات!

في قلب أفريقيا المنهوبة، في بلد اسمه الكونغو، لا يُغتصب النساء بدافع الشهوة، بل لأغراضٍ أعمق وأشدّ ظلمة.

يروي أكاديمي ليبي لقاءً غيّر منظوره للعالم :

استقدم عاملًا إفريقيًا لتنظيف سطح منزله في أحد الأيام، ليكتشف لاحقًا أنه أستاذ مساعد في جامعة كينشاسا – عاصمة الكونغو.

أنهى عمله، وفي طريق عودته إلى المكان الذي تتجمّع فيه العمالة، بدأ حوار بينهما.

قال الرجل الكونغولي :

“بلادي كانت ولا تزال مستعمرة بلجيكية. نمتلك من الثروات ما يدخل في صناعة كل شيء، من شاشات هواتفكم إلى أسلاك طائراتكم الحربية التي تقصف بلادكم الآن.”

ثم نظر إليه وسأله :

“هل تعلم أن تسعة ملايين إنسان قُتلوا في بلادي خلال الأربعين عاماً الماضية؟”

وحين أجابه بالنفي، قال بأسى :

“لأن من يملك الإعلام العالمي، يملك حق إخفاء المأساة.”

وعن دور بلجيكا والدول الأخرى، تابع قائلاً:

“لسنا تحت احتلال دولة بعينها. العالم كله ينهشنا؛ أمريكا، فرنسا، الصين، بريطانيا، بلجيكا… كلٌّ يأخذ نصيبه، عبر شركات أو ميليشيات. لم تعد لدينا حكومة مركزية أو نظام يحكم.”

ثم قال بمرارة :

“لن يأتي إلينا أحد ليدافع عن حقوق الإنسان، رغم أن نصف مليون امرأة اغتُصبن، لأن ما يحدث لنا مربح جداً لمن يملكون القرار.”

ثم تكلّم عن زوجته، وعن الليلة التي دمرت حياته:

“رأيتهم يغتصبون زوجتي أمامي، ثم قتلوا والدي، وألقوا بأطفالي في بئر المزرعة، وقيّدوني عند حافته لأستمع إلى صراخهم وهم يموتون واحداً تلو الآخر. كنت أتمنى أن يستمر صراخهم، لأبقى أطمئنهم… لكنهم صمتوا. وصمتُّ معهم.”

“لا يغتصبون النساء بدافع الرغبة… بل لأن الاغتصاب أكثر الأسلحة فعالية في تمزيق العائلات. هو أداة الحرب الأولى لتفكيك المجتمعات.”

وعن سبب قدومه إلى ليبيا، قال :

“هربت من موت لا ينتهي. في بلادي مئات الميليشيات، كلٌ منها مدعوم من جهة خارجية تريد حصة من الذهب أو الألماس. لا يوجد قانون، بل غابة من المصالح والاستثمار في الفوضى.”

عاد العامل إلى حيث يجلس رفاقه بانتظار فرصة جديدة لكسب لقمة عيش، فيما بقي الأكاديمي الليبي غارقًا في صمت وتأمل.

“فكّرتُ في بلداننا العربية، وكيف تتشرذم كما تشرذمت الكونغو. كل جهة تريد حصة، وكل طرف يدّعي الحقّ وهو يزرع الخراب. تذكرت قوله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.”

“ضحكت بسخرية، لأني أدركت كم نحن ضحايا… وضحايا حمقى.”


وختم مقاله قائلاً :

“أعاد لي هذا العامل الإفريقي ترتيب مفاهيمي الوطنية والفكرية والعقائدية. جعلني أقول:

هذا ما يحدث في بلدي، فهل يدرك أهل بلدي ذلك؟

لا رحم الله من ضحّى بوطنه وعرضه لقاء مالٍ أو جاهٍ أو منصب.

فلنعتصم بحبل الله جميعًا، ولنقف صفًا واحدًا في وجه المستعمر الجديد.

El-Sherif Studio
El-Sherif Studio